الشعر سمةُ الإبداع

على غرار مقُولة أرسطو ؛ فإنً الشعر سمة ُ الإبداع ، لذا لا يُـــعــلم  قدر ما يُصقل ؛ كذلك الشاعر الذي يُشبهُ المنجم المحتوي على الأحجار الكريمة في كيانها الخام والصقل هو الثقافة، هو عرق العافية المسفوح على الموهبة ، كي تسمو وتتكامل .

" مهدي منصور " ؛ شاعر مُلهم ، رقيقٌ دون لين ؛ شفّافٌ دون حدّة جارحة ن مُرهفٌ قدر ما هو ثاقب في " الكاريزما " كما في الوداعة .شاعر دون  تكّلفة ،يسكب معانيه دون تكلف،  تهواه القوافي بقدر ما تستلطفُه أوزان الشعر، وما يحنو عليه العروض .

مع بواكير قريضه ؛ كان " مهدي " ولا يزال "يتلقى" الشعر أكثر مما ينظمه ؛ تراه كحامل الأمانة ، يواصل الرسالة ؛ بمرونة مدهشة ؛ دون جهد ، دون عناء . يفترش الكلمات قبل ان يتصيّد المعاني ، ينشر العطر قبل أن يغرس الوردة ؛ يتلقى الشعر هدية من موشور إحساسه ؛ ويرسل النور من كفّيه دون مخاض ودون ألم الولادة.

في الغزل منظومه وافر ؛ غزله فيه الخواطر ؛ فيه مائية الحياة فلا يضيع في تصنيفات تقليدية ما بين العذري والحسي، بل هو ذريعة لمعانية ، لأحساسه ولما يجول في فؤاده وعقله في آن واحد . يغلب على غزله جموح الطموح وتعالي " الأنا " ، فإذا هو شاعر نفسه ، وناظم معانيه. يعشق الطبيعة وخاصة الربيع ، ويبرعُ في رصد عدّة فصل التجدد ، فيغزل الرياحين ؛ ويجول في كل روضة ممكنة ويبشر بالصيف كما يخشى الشتاء ويتحدّى الخريف . من الصعب أن ننجح في رسم معالم الحبيبة التي تلهـم    " مهدي منصور" ، فهي حالةً ذهنية أكثر مما هي "لحمُ ودم" خواطر وتأملات تتوسل الغزل مركبة لتعبر إلى براءة الموهبة ونضارة القلب البكر .

يداعب الشاعر المخيلة فينجح ، شرط أن لا تبدو أسوار العروض مفتعلة وجارحة لأبداعه ؛ وهذا ما يميّز "مهدي " فهو مطواعٌ في قريحته ؛ قدر ما هو مليءُ الجعبة وإن كان لا يزال دون ندوب التجربة ، ولم تلسعهُ بعد ، أسواط ُ العبثية وأعماق الظلال والخيبات.

في شعر " مهدي منصور" قصائد تستهوي ، قدر ما في الغزل من جاذبية وهي قصائد وجدانية تتوسّل الرومانسية في رموزها التقليدية ؛ مليئة بالدمع والنار؛ بالجراح و " بفرح الأرض" ، وهي عن حق تدل على شاعرية " مهدي " بدقة أوضح من محاولاته الغزلية وهي " ضوء" دون" ضياع" ، كما هي " فجر مُزهر" وهو نواة تعزز المجموعة الشعرية هذه ، وتشدّ على يد " مهدي" الموصولة بإحساسه وبإرهاصاته.

أخيراً ؛ معرفتي " بمهدي" من المميزون" ، واعتزُ به موهبة أعطت " المميزون" كما نشرها            " المميزون" ودعمها ؛ "إطلالة مميزة " ، شاعر واعد، في زمن شح فيه الشعر ،وكاد الشعراء فيه ينقرضون ." المميزون " في رسالته ؛ جوهر اعطاء هذه المواهب فرصتها التي تستحقها ؛ ولذا اعتزازي كبير" بباكورة مهدي منصور" وأنا على ثقة أنه على قدر الاعتزاز، وأتمنى له كل ما يتمناه لنفسه ...

رمزي ج النجّار  

14 شباط \فبراير 2003