| قصائد

مونودراما تحت الثلج

 


إذنْ تخرجينَ مهفهفةً مثل أوّل يومٍ دخلتِ به عالمي المستحيلْ

كأنك لم تتركي شفتيك على جسدي ألفَ ليلٍ...

ولم ترتمي كالخريف على كتفي في المساء الطويلْ...

إذن تخرجين كعاصفةٍ لم تدعْ لي دربًا سليمًا لألحق بالحلم...

لا ورقٌ أصفرٌ مهملٌ في الطريق المُعَفّر كيما أحثَّ عليه الخطى دون نعلٍ...

ولا رحمةٌ في عيون الحصى أرتجيها لترأف بي حين أعدو...

ولا كسرةٌ من حنين على كلِّ منعطفٍ أقتفيها...

وما من دليلْ

                                  ***

كدتُ أخسرُ ما في يدي... ويدي... ورؤاي...

فأشيائي المستقيلةُ من جسدي تتوارى رويدًا رويدًا

لتزحفَ مثل الظلال وراءَكِ...

لم يبقَ وردٌ ولا ماءُ وردٍ...

وكلُّ الخيالاتِ آخذةٌ بالرحيلْ...

إذن تخرجينَ...

ويخرجُ خلفك كلُّ ملائكتي الأقربينَ: كتابٌ ...

ومصيدةٌ لصغار المعاني التي تتراقص مثل الخفافيش في هدأة الليل..

بعضٌ من الورقِ المستتبِّ كناطور كرم الغيابْ..

أكابدك الآن إذ تخرجين...

تمامًا كما يتبعُ الموجُ حدس البحارِ

تغادرُ  كلُّ الجهاتِ وراءك في حدثٍ مدهشٍ للمكانْ...

وأبقى وحيدًا وحيدًا...

لأنّ المساء ظلالي

وما يبدعُ البعدُ من غربةٍ وحنينٍ سراجي المضيء...

وحيدًا...

لنحتفلَ الآن يــــــــــــــــــا جرحُ...

نخبَك يـــــــا خنجرَ الذكريات المكوّر مثل الجنين بخاصرتي...

قم لنرقص يا حزنُ تحت ثلوج المواعيد في السّاحة الخالية...

لا مراسيلَ سيّئة في فم الطير من بعد هذا المساء المجفّف كالمشمش القرويِّ...

ولا أفقَ في الأفق حتى تحوم غيومٌ رماديةُ الشؤم حتى نخاف النفيرْ...

كثيرٌ من الحزن في دمنا يتجوّل مثل الغذاء...

ولا خوفَ بعدُ علينا...

لأنّا حزّنا كثيرًا كثيرًا...

ومن بعد أن مَرَّ ما مَرَّ لا ضير أن ننتهي كالفقاقيع بالجرعة الزائدة..!

 

مهدي منصور




الشاعر مهدي منصور

شاعر لبناني، وأستاذ جامعي متخصص بالفيزياء والتربية، من مواليد 29 شباط، يعدُّ من أبرز الوجوه الشعريّة في لبنان والعالم العربي.

ابتدأ مشواره الشعري في برنامج المميزون الذي عرضته المؤسسة اللبنانيّة للإرسال عام 2003 حيث حصد الميداليّة الذّهبيّة عن فئة الشعر المرتَجَل.

صقل منصور موهبته الشعريّة وأفقه الإبداعي عبر دراسته وتدريسه الادب العربيمن جهة ودراسته الفيزياء والرياضيات التطبيقية والتربية حتى نال شهادةالدكتورة في فيزياء الكم.

لعلّ أبرز المحطّات التي كرّست اسم الشاعر مهدي منصور عربيّاً كانت مشاركته في برنامج أمير الشعراء 2008 الذي تنتجه وتبثّه قناة ابوظبي الفضائيّة حيث نال الشاعر جائزة لجنة التحكيم.

 في شعر مهدي منصور، تنسجم الاصالة وhلحداثة معاً انسجاماً تامّاً حتى لكأنهما تبدوان قبلتين لثغر واحد، فهو يكتب بلغة عصره ويتعمق في التجارب الشعريّة الحديثة، ولكنّه يحافظ على الإيقاع الموسيقي الساحر الذي يميّز الشعر العربي، الأمر الذي نال استحسان كبار شعراء لبنان فدعموه وقدموا له.

 ويتّخذ شعر منصور طابعاً إنسانيّاً شاملاً وبُعداً كونيّاً يترجم أدق الهواجس اللاإنسانية ويطرح الاسئلة التي تضع الإنسان في مواجهة مع ذاته، الامر الذي خوّله الحصول على جائزة ناجي النعمان الثقافيّة عام 2009 وشملت الجائزة طباعة ديوانه الأخير "يوغا في حضرة عشتار" وعلى جوائز وميدالياتٍ وأوسمةٍ عديدة لا يتسع المكان لذكرها.

مثّل منصور وطنه في المحافل الشعرية والمهرجانات الثقافية العربية والعالمية.والجدير ذكره أنّ قصائد الشاعر منصور تُدرّس في بعض كتب الأدب العربي في المناهج اللبنانية والعربيّة كما وترجمت بعض قصائده إلى لغات عدة كان آخرها ترجمة إلى اللغة الألمانية ضمن دراسة "أنطوبولوجيا" أعدّها معهد غوتّه الألماني...

صدر للشاعر:

متى التقينا 2004

انت الذاكرة وأنا 2007

قوس قزح 2007

كي لا يغار الأنبياء 2009

يوغا في حضرة عشتار   2010

أخاف الله والحب والوطن 2016

الأرض حذاء مستعمل 2016

فهرس الانتظار 2018