لطالما كان الفن بشكل عام والقصيدة بشكل خاص لولب النهضة
جريدة البناء-عبير حمدان
2010-05-25
لطالما كان الفن بشكل عام والقصيدة بشكل خاص لولب النهضة في المجتمعات لما له من تأثير مباشر في العقل والعاطفة معاً...فالنهضة تعتمد أساسا على العقل المدبّر والمؤثّر في آن وكنه المنطق منثور كالبخور في زركشات وخصوصا تلك التي تتسم ببعدها عن المنطق لأن التحليق بعوالم أو لعوالم جديدة بعيدا عن المنطق هو بالأصل محاولة تظهير صورة لمنطق مغاير...ومن هنا نفهم كيف أن شعر الحماسة كان أشد وطءاً من السيف في حروب العرب إذ تولّى الشعر مهمّات متعدّدة بدءاً من الإستنهاض إلى التحميس والتشجيع وصولا إلى التعليق وإبداء الرأي بالنتائج والتقويم والتمجيد في حالات مختلفة وصولا إلى التوثيق في نهاية المطاف...ولا شك أن الحدث الحمراء ما كانت لتكون حدثا أحمر لولا قصائد المتنبّي...وأن "وامعتصماه" ما امتد صداها إلى آذان الحاضر وما كانت لتتخطى قلعة عمورية لولا شاعرية أبي تمّام وما إلى ذلك من نماذج في هذا المضمار.
(ومن هنا رأيت أن يكون الربط بين القصيدة والمقاومة المتجدّدة في قصيدة الحدث الخضراء-أي القصيدة- التي صاحبت وأصّلت واقعة الحدث الحمراء:
هنا الحدثُ الحمراءُ..أسيافُها الرؤى وبأسُ القنا عذبٌ من القولِ حالِمُ
فإن تطعنِ السّمرُ السماءَ تـُنـِرْ بها... وإن تضربِ الأعناقَ تحي ِ الصوارِمُ...!
يزورُ دمي وحيٌ...فتـولدُ فكرةٌ قرابةَ نبضٍ ما..وتنمو مواسِمُ...
تعيشُ على حزني..وتقتاتُ من غدي كأنْ من يدي حبّاً تزقَُ الحمائمُ...
بناها فأعلاها الحنينُ قصيدةً على بحرِ شوقٍ موجُهُ يتلاطمُ...
أيا قارئي رفقاً...فبين سطورها
تنامُ مواعيدٌ...وتلهو مواسِمُ...
وأنت تناجي حزنـَها شدَّ جيِّداً
فقد تتدلّى من يديكَ عواصِمُ...
ويسقًطُ تاريخٌ على يدِ أمتي
فتُلوى..ويقضي من جديدٍ مقاوِمُ...
ثم ان القصيدة بتفعيلاتها وفعلها مختبر لتفاعلات متأججة لا تصلح إلّا لقلب السائد البائد نحو أفق لا حدود له...ولئن كان مسرح المعنى خيال كاتبها غير المحدود فإن مسرح كاتبها وما يكتب من تجسيد للمعاني قلوب الشعوب التي تظمأ للحريّة ولذلك حفظ الناس قصائد شعراء الجنوب وأغاني الثورة والمقاومة أثناء الإحتلال ويتناغمون مع روائع الشعر الفلسطيني كل يوم لأن بيت الشعر بيت يأوي حيث لا بيت إلا وقد دمّر أو صودر...
بعد كل ما أسلفنا يظهر جليا كيف أن القصيدة كانت وما زالت جنديّة مجهولة معلومة في خضم هذا الصراع الطويل مع الظلم والظلام وأن الكلمة ستظل كما كانت شعاعا محسوسا لشمس الحرية المنشودة غير المرئية بفعل غيم النير والإحتلال...وأن أيار الحائز على أعلى علامة حتى العام عشرة على عشرة يردّد قصائد المجد عتابا وميجنا وأناشيد وأغاني وقصائد محكية ونحوية حديثة وتقليدية كلها صدى لقرع باب الحرية ويقول....
وللحرية الحمراء بابٌ بكلِّ يدٍ مضرّجةٍ يدقُّ
شاعر لبناني، وأستاذ جامعي متخصص بالفيزياء والتربية، من مواليد 29 شباط، يعدُّ من أبرز الوجوه الشعريّة في لبنان والعالم العربي.
ابتدأ مشواره الشعري في برنامج المميزون الذي عرضته المؤسسة اللبنانيّة للإرسال عام 2003 حيث حصد الميداليّة الذّهبيّة عن فئة الشعر المرتَجَل.
صقل منصور موهبته الشعريّة وأفقه الإبداعي عبر دراسته وتدريسه الادب العربيمن جهة ودراسته الفيزياء والرياضيات التطبيقية والتربية حتى نال شهادةالدكتورة في فيزياء الكم.
لعلّ أبرز المحطّات التي كرّست اسم الشاعر مهدي منصور عربيّاً كانت مشاركته في برنامج أمير الشعراء 2008 الذي تنتجه وتبثّه قناة ابوظبي الفضائيّة حيث نال الشاعر جائزة لجنة التحكيم.
في شعر مهدي منصور، تنسجم الاصالة وhلحداثة معاً انسجاماً تامّاً حتى لكأنهما تبدوان قبلتين لثغر واحد، فهو يكتب بلغة عصره ويتعمق في التجارب الشعريّة الحديثة، ولكنّه يحافظ على الإيقاع الموسيقي الساحر الذي يميّز الشعر العربي، الأمر الذي نال استحسان كبار شعراء لبنان فدعموه وقدموا له.
ويتّخذ شعر منصور طابعاً إنسانيّاً شاملاً وبُعداً كونيّاً يترجم أدق الهواجس اللاإنسانية ويطرح الاسئلة التي تضع الإنسان في مواجهة مع ذاته، الامر الذي خوّله الحصول على جائزة ناجي النعمان الثقافيّة عام 2009 وشملت الجائزة طباعة ديوانه الأخير "يوغا في حضرة عشتار" وعلى جوائز وميدالياتٍ وأوسمةٍ عديدة لا يتسع المكان لذكرها.
مثّل منصور وطنه في المحافل الشعرية والمهرجانات الثقافية العربية والعالمية.والجدير ذكره أنّ قصائد الشاعر منصور تُدرّس في بعض كتب الأدب العربي في المناهج اللبنانية والعربيّة كما وترجمت بعض قصائده إلى لغات عدة كان آخرها ترجمة إلى اللغة الألمانية ضمن دراسة "أنطوبولوجيا" أعدّها معهد غوتّه الألماني...
صدر للشاعر:
متى التقينا 2004
انت الذاكرة وأنا 2007
قوس قزح 2007
كي لا يغار الأنبياء 2009
يوغا في حضرة عشتار 2010
أخاف الله والحب والوطن 2016
الأرض حذاء مستعمل 2016
فهرس الانتظار 2018