| مقالات

ما هي البيئة التي يمكن أن تهدد الموهبة الشعرية بالموت


 

 

لمجلة "شاعر المليون" 

الموهبة الشعرية في بدايتها مثل الشجرة في طفولتها تحتاج إلى العناية والتغذية ثم تحتاج إلى البيئة المناسبة حتى تتطور وتزهر من وجهة نظرك، وانطلاقا من تجربتك في الحياة

 ما هي البيئة التي يمكن أن تهدد الموهبة الشعرية بالموت ؟

بدايةً لا بد أن نحدد ماهية الشعر وأن نحاول الإجابة عن السؤال الجدلي لماذا نحن نكتب الشعر وإلام نرمي حين نعبر بنص يكتنز مقومات النص الشعري.. لأن معرفة دور الشاعر الحقيقي في بيئتيه الذاتية والإجتماعية يقودنا إلى معرفة دور البيئة التي تمنح الشعر وبالتالي الشاعر ازدهارهما...

 

 إن على الشاعر برأيي ، وعلى طريقة "هردر"، أن يزوج الإنسان من الطبيعة، بعيداً عن شعر الشعب والغنائية المفرطة، وقريباً من لغة ما قبل الطوفان، تلك اللغة النيئة البدائية التي كان صرفُها الحس ونحوها الخيال. وعليه أن يعبر نهر الحنين المتدفق بين ضفتين واضحتين يتمثلان بالمبنى الوجودي وما فيه من نظرة إلى الشعر والكون والمبنى الواقعي وما فيه من نظرة إلى الحياة بتفاصيلها وشعرنتها. لا تمام لتجربة شعرية لم يمتلئ صاحبها بالقلق ولم يتوغل عميقا في الحياة، من هذا المنطلق ومعةكثير من الدربة والإشتغال على أدواته الشعرية قد يوفّق الشاعر إلى تقديم لغة ميتاشعرية لتحقيق ما هو كليّ للإنسان الذي ما انفك ينظر في مرآة الآتي عن بقايا من زمن الآلهة ويقفز كالبهلوان فوق زمن الأبطال...لأني أوافق بشدّة  "هوراس" و"سيمونيدس" في أن الشعرة رسم ناطق لأن في ذلك عملية تحرير للخيال.

من خلال كل ما تقدم أعتقد أن كل بيئة لا تفك وثاق الخيال ولا تتيح للشاعر أن يثور ولو عليها نفسها، لا تعتبر مجالا حيويا لإنتاج ما هو باق ومجدد. والتجديد هنا ليس محاولة تطوير بل ضرورة على إثبات أن بيئة الشاعر حية متنامية ولعل خير دليل على ما أشير إليه شعر أبي تمام وأبي نؤاس الذين كانا أول مجددين في الشعر العربي بفضل الفكاك العبقري من أفق بيئة عجوز تحتملل أن تتجدد...

في المقابل أود آن أشير أن كل شاعر عظيم لا بد أن يكون مثقفا كبيرا، ولا ثقافة واسعة ما لم تشمل كل التيارات وأن يكون فيها شيءٌ من كلّ شيء، الأمر الذي يقودنا للإشارة إلى بهض المجتمعات التي لا تقبل من شاعرها إلا أن يقول ما تريد أن يُقال، وما زلنا نلمح هذهذ الظاهرة التي كانت سائدة في العصر الجاهلي حيث كان شاعر القبيلة لسان حالها، وهنا خطأ شائع بين الناس إذ يعتقد كثيرون أن الشاعر كان يخاطب ما يريد باسم القبيلة أما الحقؤقة فتقول أنه كان يجاهر بخطابها هي الأمر الذي يحد كثيرا من الخيال كما أورد الدكتور إحسان عباس في كتابه فن الشعر...

من خلال ما تقدم أرجع الحكم على أي بيئة تنمي أو تجهض موهبة شعرية من خلال مقدار الحرية التي تتيح لخيال الشاعر أن يحلق بعيدا عن كليشيهاتها الجاهزة التي تحب أن يرددها الشعراء ولي أ أشير هنا الى دور الواعين لخطورة هذه المسألة والراعون السماويون لشعراء هذه الأرض الشباب، فأنا لا أشك لحظة أنّ يداً إلهية أرشدتني إلى أمير الشعراء وأن مسافة الوقت التي أتاحها لي ولزملائي البرنامج شكلت خميرة لنمو خلايا الشاعرية الدفينة، وعلى مستوى آخر أعتقد أن هذاا لسان حال طلاب أكاديمية الشعر التي تقوم بأسمى مهام، لعلمهاأن لا أمة من غير أدب وأن لا شعر بغير رعاية وبيئة حاضنة...ومن باب التصويب وليس التصويب على أحد، أدعو من يحاول التسويق لأكاديمية مشابهة في لبنان أن يغير طريقة التعاطي مع المواهب الشابة هنا، لأن ما يمارس،بحسب ما علمت من شباب عملت على إطلاقهم في آونة سابقة،  هو عملية تعبئة وتوجيه باتجاه موضوعات خاصة ومذهبة حيناومتقوقعة أحيانا تشلّ عامل الخيال وتجهض الموهبة الحقة في مهدها في حين أنهم يعتقدون أنهم يمسكون بأيدي الشباب... ويستعيرون أسماء كبرى لمسميات ضحلة...



الشاعر مهدي منصور

شاعر لبناني، وأستاذ جامعي متخصص بالفيزياء والتربية، من مواليد 29 شباط، يعدُّ من أبرز الوجوه الشعريّة في لبنان والعالم العربي.

ابتدأ مشواره الشعري في برنامج المميزون الذي عرضته المؤسسة اللبنانيّة للإرسال عام 2003 حيث حصد الميداليّة الذّهبيّة عن فئة الشعر المرتَجَل.

صقل منصور موهبته الشعريّة وأفقه الإبداعي عبر دراسته وتدريسه الادب العربيمن جهة ودراسته الفيزياء والرياضيات التطبيقية والتربية حتى نال شهادةالدكتورة في فيزياء الكم.

لعلّ أبرز المحطّات التي كرّست اسم الشاعر مهدي منصور عربيّاً كانت مشاركته في برنامج أمير الشعراء 2008 الذي تنتجه وتبثّه قناة ابوظبي الفضائيّة حيث نال الشاعر جائزة لجنة التحكيم.

 في شعر مهدي منصور، تنسجم الاصالة وhلحداثة معاً انسجاماً تامّاً حتى لكأنهما تبدوان قبلتين لثغر واحد، فهو يكتب بلغة عصره ويتعمق في التجارب الشعريّة الحديثة، ولكنّه يحافظ على الإيقاع الموسيقي الساحر الذي يميّز الشعر العربي، الأمر الذي نال استحسان كبار شعراء لبنان فدعموه وقدموا له.

 ويتّخذ شعر منصور طابعاً إنسانيّاً شاملاً وبُعداً كونيّاً يترجم أدق الهواجس اللاإنسانية ويطرح الاسئلة التي تضع الإنسان في مواجهة مع ذاته، الامر الذي خوّله الحصول على جائزة ناجي النعمان الثقافيّة عام 2009 وشملت الجائزة طباعة ديوانه الأخير "يوغا في حضرة عشتار" وعلى جوائز وميدالياتٍ وأوسمةٍ عديدة لا يتسع المكان لذكرها.

مثّل منصور وطنه في المحافل الشعرية والمهرجانات الثقافية العربية والعالمية.والجدير ذكره أنّ قصائد الشاعر منصور تُدرّس في بعض كتب الأدب العربي في المناهج اللبنانية والعربيّة كما وترجمت بعض قصائده إلى لغات عدة كان آخرها ترجمة إلى اللغة الألمانية ضمن دراسة "أنطوبولوجيا" أعدّها معهد غوتّه الألماني...

صدر للشاعر:

متى التقينا 2004

انت الذاكرة وأنا 2007

قوس قزح 2007

كي لا يغار الأنبياء 2009

يوغا في حضرة عشتار   2010

أخاف الله والحب والوطن 2016

الأرض حذاء مستعمل 2016

فهرس الانتظار 2018